تعد محافظة السويداء من المحافظات السورية الغنية بالأوابد الاثرية والمواقع التاريخية الهامة ويرتادها السواح الأجانب للتعرف على الحضارات التي تعاقبت فوق أرضها وللاستمتاع بهوائها العليل والتعرف على عاداتها وتقاليدها الشعبية المتميزة .
وتحتضن مدينة السويداء مركز المحافظة العديد من الأوابد الأثرية النبطية والرومانية من بينها الكنيسة الكبرى التي فرشت أرضها بلوحات فسيفسائية جذابة كلوحة القديس سرجيوس والكنيسة الصغرى التي مازال بقايا قوسها الكبير وأعمدتها وتيجانها ذات النقوش الفنية الرائعة إضافة إلى مدرج مسرح صغير كشف عن جزء منه ومدرج مسرح كبير لم يكشف عنه بعد والكثير من الأبنية الرومانية والمدافن عبر حقب تاريخية متتالية منها ما كشفت أعمال التنقيب والحفريات عنها ومنها مازال مدفوناً تحت بيوت المدينة القديمة ومعظمها مؤءلف من عدة طبقات .
ولمدينة السويداء متحف نوعي متميز بني من الحجر القاسي الذي تمتاز به المحافظة يضم في أجنحته المتعددة العديد من التماثيل البازلتية مختلفة الأشكال والأحجام ولعصور عدة ولوحات فسيفسائية لا مثيل لها منها ما يمثل مشاهد لربة الصيد أرتميس محاطة بالحوريات وأخرى لمولد فينوس وعرس تيس آلهة الأرض وتيجان كورنيثية وأعمدة تعود للعصرين النبطي والروماني وكثير من اللقى الفخارية والمزهريات والحلي الذهبية والفضية والنقود التي تم التعامل بها عبر العصور الغابرة ويجاور مدينة السويداء من الشمال الشرقي مدينة قنوات التاريخية المعروفة سابقاً باسم كاناثا إبان العصر الروماني وتمثل إحدى أهم المواقع الأثرية في المحافظة وأغناها زخرفة ومن أبرز معالمها التاريخية معبد الإله زيوس ومعبد آلهة الشمس ومعبد ربة المياه والمسرح القديم والأبراج والمدافن الحجرية والكنيسة التي تؤلف مع بقية آثار قنوات متحفا متعدد الفنون لمختلف العصور
وبالقرب من مدينة قنوات قرية سيع التاريخية التي لم يتبق من آثارها سوى معبد نبطي كبير وعدد من الآبار النبعية مازال يستخدمها السكان حتى اليوم وبقايا أبراج متفرقة استعملت معابد في عصر الأنباط وعدد كبير من المقابر .
وإلى الغرب من قنوات بلدة سليم الذي ينتصب في جزئها الشرقي معبد قديم يعود إلى القرن الثالث الميلادي لاتزال زاويته الشمالية قائمة وكذلك قاعدته الجنوبية إضافة إلى عدد من الأبنية الرومانية القديمة في جزئها الغربي المرصوفة أرضها بقطع حجرية بازلتية وعلى مساحات واسعة تعبر عن مدى أهمية هذه البلدة تاريخياً.
وبالقرب منها معبد بلدة عتيل الأثري المؤءلف من طابقين مازال طابقه السفلي بحالة جيدة وإلى جانبه معبد آخر في الجهة الشمالية بني تكريماً للإمبراطور كراكلا الروماني وبقايا كنيسة قديمة ومسجد من العصر العربي الإسلامي لاتزال أقواسه ومحاربه بحالة سليمة بالإضافة إلى برك محفورة بالصخر.
وإلى الشمال من مدينة السويداء وعلى بعد 18 كم تقع مدينة شهبا الأثرية مسقط رأس الإمبراطور الروماني الشهير فيليب العربي والذي أرادها أن تضاهي في بنائها وجمالها أكبر المدن الرومانية حتى أصبحت أحد الأمثلة النادرة بين مدن الشرق الأدنى ومن أهم آثارها المعبد الإمبراطوري .. وهو مجموعة معمارية كبيرة ومنتظمة حول ساحة كبيرة مبلطة كشفت واجهة المبنى البالغ عرضها ثلاثين مترا ًوالمزخرفة بمحاريب نصف دائرية عن مستوى فن العمارة في تلك الحقبة وإلى جانب الساحة
الكبيرة وضمن مجموعة المباني المرتبطة ببعضها يقع بناء الفيلبيون وهو رباعي الشكل زينت زواياه الخارجية تيجان وفي داخله محاريب متوجة بأقواس كانت تحوي توابيت حجرية ويمثل هذا المبنى مقبرة ومشهدا معماريا جنائزيا لأعضاء أسرة الإمبراطور فيليب العربي .
أما مسرح شهبا والمؤلف من طابقين وقطره 5ر42 مترا والذي مازال قائما كمعظم الأبنية فيه عدد من الاورقة والدهاليز والممرات ولا تزال منصة التمثيل فيه بحالة جيدة وعلى بعد خمسمئة متر من المسرح حمامات شهبا الشهيرة التي كانت تندرج ضمن برامج العمارة الرومانية الإمبراطورية وتتضمن ثلاثة أنواع من الصالات من مسابح وأحواض مياه وهي تحفة نادرة بمظهرها ومضمونها .
وتم العثور في شهبا على أغنى مجموعة الفسيفساء في منطقة الشرق ضمن منازل ضخمة أو قصور منها قصر الإمبراطور فيليب العربي الذي زينت أرضياته بقطع الفسيفساء أشهرها لوحة تيتس آلهة البحر ولوحة أريان وديونيزوس ولوحة تمثل مشهد أورفي وهو يعزف على آلة موسيقية بين الحيوانات ولوحة أفروديت وآريس ولوحة للإله ديونيزوس.
ويوجد في المدينة شارعا البلاط المتعامدان اللذان يقطعان المدينة فقد زينت جنباتهما بالأعمدة ذات التيجان وتقطعها في نقطة الالتقاء ساحة عامة وقد أحيطت المدينة التي تشكل أهمية خاصة لعلماء الآثار والسواح بسور مستطيل الشكل لا يزال قسم منه قائما وفيه أربع بوابات للجهات الأربع.
وإلى الشرق من مدينة شهبا تقع بلدة شقا ومن أهم آثارها القائمة الكليبة وهي نوع من المعابد تعود للقرن الثالث الميلادي ثم تحولت إلى كنيسة في العهد البيزنطي والمعبد الوثني بازليكا وطول واجهته الأمامية 22 متراً وتحول في القرن الرابع الميلادي إلى كنيسة حفر على أبوابها صلبان صليبية إضافة إلى بناء القيصرية مقر حاكم المقاطعة في العصر الروماني وتضم عددا من الغرف والفتحات الجدرانية الدفاعية والأبواب الحجرية المزخرفة بالزهور وأوراق الغار وتوصف القيصرية بأنها من أجمل القصور المقببة التي خلفتها العصور الرومانية.
كما تعتبر آثار موقع الدياثة إلى الشرق من مدينة شهبا من أهم الحصون على وادي الشام وتبلغ أبعاد الحصن 76 ضرب 50 مترا وسماكة جدرانه متران ويتوضع على جانب جدار الحصن الجنوبي الذي يتوسطه مدخل برجان قويان يقابلهما مدخل في الطرف الشمالي مغطى بالأقواس
ومن المواقع الأثرية الهامة التي لها ارتباطات بالحضارة العربية الإسلامية قلعة مدينة صلخد الأيوبية وتقع على تل بركاني بناها الأنباط ثم ازدهرت في العصر الفاطمي حين أمر الخليفة المنتصر ببناء القلعة في عام 1073م وتتالت عليها عهود السلاجقة مرورا بالمماليك ثم عهد صلاح الدين الأيوبي والعثمانيين وتعتبر من الكتل المعمارية الهامة والضخمة التي تشرف على مساحة شاسعة من الأراضي المحيطة وفي ساحة صلخد الرئيسة مئذنة تعود للعهد الأيوبي مازالت شاهداً على ازدهار المدينة في عصر واليها عز الدين بيك إضافة على قبور أيوبية وحجارة كتب عليها بالخط العربي وبركة ماء كبيرة تعود إلى عصور سابقة .
وتتمتع محافظة السويداء بالعديد من المزايا التراثية والعادات والتقاليد العربية الأصيلة التي ماتزال مستمرة حتى الآن
الجمعة 25 يونيو 2010, 02:07 من طرف basel